يعيب علي كشخص مذكر أن أتطرق لهذا الموضوع, خاصةً أني أعيش في مجتمع متمسك بشعار العادات و التخاريف "ثم" الدين. لكنهم نسوا أنني ولدت من " بطنها" و ليس من " بطنه"
معروف عن المجتمع الإسلامي العربي أنه مجتمع ذكوري بحت, أي أنه قائم على جنس واحد من جنسين بشريين فقط, ألا و هو الذكر. يسأل البعض لماذا ؟ (في الواقع ليس هناك من يسأل) لأنه و بكل بساطة الرجل أقوى جسمانياً و نفسياً من المرأة. فالمرأة كما يتحججون هم أنها تعاني من الدورة الشهرية و فوق هذا فهي عاطفية فلن تستطيع ادارة الأمور القيادية. (قد) أتفق في ذلك, لكن السؤال المحير هو: هل هي عاطفية و ضعيفة لدرجة أنها لن تستطيع ادارة أمورها الشخصية ؟ بالطبع الإجابة سوف تكون نعم لضحايا العادات و التخاريف و المخدوعين عاطفياً باسم الدين.
المرأة في بلدي هي مهانة من شعرة الرأس الى أظفر أصغر إصبع قدميها و هذا ليس بشيء غريب طالما أن الدين أي المنهج و دستور الحياة نفسه قائم على قمتها بشكل شبه تام. و كيف لا, و هي ناقصة عقل و دين و مُشبهة بالنجاسة و الفتنة جنباً الى جنب مع الكلب الأسود و توشيحها بحجاب باللون ذاته.
للأسف المرأة في المجتمع السعودي و الخليجي عامة تدافع عن احتقار ذاتها بشتى الطرق العاطفية بشكل أعمى و مغسول دماغياً بالوراثة. فهي مقتنعة و موهومة أنها معززة و مكرمة بحبسها داخل الشقة أو الفيلا أو السيارة و تزويجها مبكراً ممن لا تعرفه و لم تره نهائياً شائت أم أبت و المبلغ المالي المقدر و الذاهب لجيوب من كانوا سبباً جينياً و بيولوجياً في وجودها هو الذي يحدد نهاية مسار حريتها العاطفية.
عندما أتطرق بالحديث عن حقوقهن مع أي منهن أجد علامات الإستفهام و التعجب تحوم فوق رؤوسهن, فهن مغسولات دماغياً بوسائل الإعلام الدينية بأن ما يدعى "حقوق المرأة" ما هي الا أخدوعة دعارية ألفها "الغرب" لكي يدمر الأمة و يجعل من نسائها عاهرات و عاريات بالضبط مثل جميع نساء الكرة الأرضية بقاراتها السبع باستثناء شرق أوسط آسيا و شمال قارة أفريقيا.
الناشطة الحرة السعودية وجيهة الحويدر تعلم ما هي قيمة المرأة و مثال للمرأة التي يحتذى بها
إن مسألة حقوق المرأة كما تجب أن تعيها المرأة التي تعيش في دول العالم الثالث (المعذرة) أقصد الإسلامي هي أكبر من أن تغير لون حجابها أو تتركه. هي مسألة اثبات ذات, كونك إنسانة يا آنستي يجب أن تعلمي أنه يجب أن تكون امكانية ادارة حقوقك الشخصية متساوية مع الرجل و يحق لكي أن تكوني من تريدي أن تكوني و أن تغيري في المجتمع و أن تأثري فيه و أن ترشحي نفسك لمراكز مهمة و ليس بالشرط قيادية, و ليس للرجل أي حق بالتطاول عليك أو ادارة أمورك أو كفالتك و كأنه مرفوعٌ عنك القلم أو "ناقصة عقل". لعبة تكميم الأفواه لم تعد مجدية بما أن هي من أفضل مواهب علماء الدين و خاصة المفتين و من لهم صلاحية الى دخول عقل كل فرد مغسول دماغياً في هذا المجتمع, فلا تكوني ضحية العادات و التقاليد و تحت رحمة و أقدام من يتشبتون بها. تقويمنا السنوي الإسلامي المقدر 1430 هجري ما هو الإ انعكاس واقعي و سخري للحقبة التي نعيشها مقارنة بالتاريخ الميلادي 2009.
- الإحترام ؟ و ما أدراك مالإحترام ؟
لطالما عشت كإنسان مؤمن بأن احترامي للآخرين يكسبني مودتهم عوضاً عن تجاهلهم, لكن للأسف مفهومنا الباطني للإحترام هو أنه لن نكسبه إلا بمذلة الطرف الآخر. أنظر حولك, الكل يهاجم بشراسة, الكل مندفع لإشباع أنانيته على حساب مشاعر الآخر, فمن يكترث ؟ طالما أنت تبتسم في وجوههم اذاً أنت بالطبع انسان ضعيف يسهل دهسك. فكما قلت إن الإنسان الذي يفكر في نفسه ولا يكترث لمشاعر الآخرين له البقاء في ساحة الحياة هنا على الصعيد الإجتماعي فمعنى أنك تتودد للغريب حينما يبدو لك مسالماً هو مضيعة للوقت, فلا تكترث أو ادهسه أما اذا كنت تريد ما يدعى بالإحترام فقم بإذلاله, هذا هو مفهومه منذ الأزل لدينا. فالأقاويل الدينية و الحث على الأخلاق الرفيعة و الإنسانية ما هي إلا ديكورات مزينة له -أقصد الدين- لا يشترط تطبيقها بقدر ما يشترط تنفيذ الأوامر و الفروض الأهم مثل التخلص على من يخالفك عقائدياً و ربما (لو لم يكن هناك رادع) اجتماعياً.
- العنصرية المقنَّعة
- منذ متى أصبح اثبات الذات تمرداً ؟
نبذ المختلف و معاداة المجهول هو أحد سمات الإنسان البدائية. فاليوم الكل لديه عقل و متعلم و يميز ما بين الضرر و النفع. اثبات الذات قد يكون صعباً إذ ما أردنا أن نطبقه في مجتمع يبدو كالقطيع من المواشي فكرياً و ثقافياً, فالكل يعتمد على معرفة ما يعرفه الأغلبية بداعي مواكبة الثقافة الإجتماعية بمختلف الأجيال و الطبقات و الأعمار. لكن سؤال إلى من يشعر بالأمان بمجرد اتباعه القطيع..ألم تتجرأ يوماً و تقف قليلاً و تسأل نفسك "لماذا يا ترى أنا أمشي ؟" بالطبع الإجابة الأغلب هي لا. و على ذلك فمن تراه مختلف و ينظر للأمور بمنظور مختلف عنك هو مجرد انسان متمرد و ربما على خطأ دون مشاورة العقل و المنطق.
الإنسان المختلف يعاني معاناة شديدة في اثبات نفسه و في أغلب الأحيان يُنبذ و يُهمش فقط لأنه يبدو غريباً و ليس مثل البقية. و هو يحتاج إلى فرصة و انتباه معين لكي يستطيع أن يوصل لك ما يعنيه من وجوده. لكن لا حياة لمن تعاني. أصبح الحال مقززاً, إذ أنه و بسبب الإعلام أصبحت الثقافة و الفكر معدومة بتاتاً لدى الجيل اليافع و أصبح مفهوم و نسق الحياة موحد لدى الجميع بشكل لا يطاق, فالكل لا يسأل لماذا هو هنا و أين كان و أين سيكون.
الوضع مخيف جداً و المستقبل باهت و أخشى أنه لا يستحق الإنتظار.