الثلاثاء، 19 مايو 2009

خير جليس


ازمة قراءة؟


(( أشار تقرير صادر عن الأمم المتحدة عن التنمية البشرية للعام 2008، حيث أظهر هذا التقرير واحدة من أهم أخطر المعدلات لتدني الاهتمام بالقراءة بين الدول العربية بشكل عام، وبين شريحة الشباب بشكل خاص في هذا العام، حيث تشير هذه الإحصاءات إلى أن كل أثني عشر ألف مواطن في الوطن العربي يقرأ كتابا واحدا فقط ))


في ايام الدراسة و قبل بداية محاضرة مباديء الالكترونات - وهي بالمناسبة مادة امقتها بشدة - , اخذت احدث الزملاء عن رواية الكاتب الامريكي (دان براون) الشهيرة جداً جداً (دافنشي كودشفرة دافنشي) و كيف انها قلبت عالم محبي و عاشقي القراءة بعد صدورها رأساً على عقب وعن ما احدثته من ضجة هائلة في اوساط الكنيسة مما دفعها الى القيام بحملة شرسة ضد الكتاب و مؤلفه.. و لم يقف الامر فقط عند الكنيسة بل اصدر ثلاثة مؤلفين مسيحيين عدة كتب ضد الرواية مثل (حقيقة شفرة دافنشي) و (حل شفرة دافنشي) لكن لم يستطع اي كتاب منهم ان يؤثر على مسيرة العمل المثير للدهشة في اعتلاء مراتب اكثر الكتب مبيعاً. ما ان انهيت حديثي حتى اتفاجأ بعبارات الاستهزاء الموجه الي حيث قال احدهم "كتاب؟ في احد يقرا كتب الحين غير المُعقدين؟" و وافقه زميل آخر " ما اتخيل نفسي ماسك كتاب و اقلب الصفحات.. فراغة" حينها ايقنت انني وقعت في خطأ كبير عندما فتحت موضوع القراءة لأشخاص بينت الدراسات بأن معدل قراءاتهم في السنة لا يتجاوز الستة دقائق!!



أزمة تقدير؟


الكاتب العربي مسكين , مُحارب بسبب افكاره و آراءه, لا يتم تكريمه لا مادياً ولا معنوياً, يجد صعوبة بالغة في ايجاد ناشر محترم يقدمه للقاريء بطريقة جيدة.. هذا ان كان هناك من يقرأ. حيث اصبحت عبارة "اكتب لنفسي" الجواب المفضل لاغلب الكُتاب حين يتم سؤلهم " لمن تكتب؟"


و انا اكتب هذه السطور تذكرت مقالة قرأتها منذ قرابة الست او السبع سنوات في مجلة العربي التي تصدر عن وزارة الاعلام في الكويت - شخباري العربي!! - كتبها الاديب المصري يوسف الشاروني بعنوان ( الاديب و الضابط ) يتحدث فيها عن طريقة المعاملة التي حظي بها في هولندا بعد ان علموا بأنه كاتب و روائي وله عدد من المؤلفات. سأضعها هنا كاملة كي تقرؤها خصوصاً بأنها غير متوفرة في الانترنت على ما اعتقد.





الاديب و الضابط



منذ اكثر من عشر سنوات, كنت في زيارة ابني الطبيب بهولندا, و فوجئت – عند الفحص الطبي الدوري الذي امارسه كل عام اثناء هذه الزيارات – بأن قلبي قد ارهقته مطامحه و يحتاج عملية تجديد بتغيير عاجل لشرايينه.


و عبثاً حاولت ان اؤجل اجراء العملية بحجة التزامي بأرتباطات علي ان اؤديها أولاً, و ربما – بيني و بينك - بسبب خوف لا اجرؤ على الاعلان عنه – حتى لنفسي – من المجهول, غير أن الاطباء الذين اخافوني من ناحية من عواقب عدم اجراء العملية, طمأنوني من ناحية اخرى حين ذكروا ان نسبة الخطوره في هذه العمليات اصبحت توازي – ان لم تكن اقل – نسبة الخطورة عندما اسير في الطريق العام او اقود سيارة او اركب طائرة, فرغم ما يقع من حوادث السير و السيارات و الطائرات, فأن هذا لم يمنع احداً من النزول الى الشارع او استخدام وسائل المواصلات, و امعاناً في طمأنتي – و ربما طبقاً لتقاليدهم العلاجية – احضر طبيبي رسماً توضيحياً للقلب و شرايينه, و مضى يشرح لي بدقة – و لأكون على بينة – خطوات العملية.


و اذكر انني استسلمت لنصيحة الاطباء, و ربما للسرعة التي تمت بها الاجراءات التي انقذتني من طابور الانتظار بحجة انني في اجازة محددة المدة, و لست مواطناً مقيماً, لم تكن هناك فرصة للانزعاج و التفكير في شبح الموت, حتى انني لم ادرك تماماً ما كان يمكن ان اعانيه الا حين روت لي زوجتي مبلغ معاناتها هي, لا سيما حين اقبلت قسيسة كاثوليكية – و انا انجيلي المذهب, لكنهم لم يسألوني و انا لم اتشدد, فلا فرق ولا وقت – في ثوبها الديني الداكن الفضفاض يكاد يلامس الارض, و ملامحها الجدية الصارمة, لتناولني الخبز المقدس, و هو ما يعني ان اكون مستعداً للانتقال الى العالم الآخر لملاقاة الله, مما اعتبرته زوجتي فألاً سيئاً.

و قد حرص ابني ان يكون كل الطاقم الطبي الذي قام بجميع خطوات العملية بدءاً من رسم القلب, فأجراء القسطرة ( ادخال انبوبة للكشف عن الشرايين المصابة ), فالعملية نفسها, اطباء مصريين من زملائه كانوا يعملون في معهد القلب بالقاهرة, و ذلك بهدف الا يشعرني بالغربة, المهم انه بفضل المخدر, فأن مريض اليوم محظوظ لأنه لا يشعر بشيء سواء توقفت رحلة حياته او افاق ليستأنف مشواره و يعود الى ما كان فيه.


و كان من الطبيعي ان تطول اقامتي – بسبب هذه العملية – عن المدة المقررة في جواز سفري. لهذا – و بمجرد ان اصبحت قادراً على مغادرة الفراش – اصطحبني ابني الى شرطة الجوازات بعد ان نصحني بان تكون معي احدى مجموعاتي القصصة المترجمة الى اللغة الانجليزية, فكل الهولنديين يجيدونها حيث انهم يتعلمونها في مدارسهم كلغة ثانية, و حين قابلنا الضابط و اطلعناه على سبب تجاوزي مدة الاقامة, قام ابني بتعريفه بشخصي و قدم له الكتاب, و ما ان لمح الضابط اسمي على الغلاف و ادرك انني اديب, حتى رأيته يقف فحأة و يشد على يدي في احترام شديد, ثم يعلن اعفائي من اي رسوم اضافية, مما دفعني الى التساؤل كم ضابط في الجوازات او غير الجوازات في شرقنا العربي يقف احتراماً لأديب من ادبائنا لم يعرفه من وسائل الاعلام, بل مجرد كاتب لم يقرأه بعد؟



***

بما اني تكلمت عن دان براون في بداية البوست, فلم (( ملائكة و شياطين )) المقتبس من رواية تحمل نفس الاسم يعرض حالياً في صالات السينما التعيسة جداً في الكويت, روحوا شوفوه اذا كنتوا مهتمين, لكنني غير مسؤول عن اي لقطة تم بترها و قصها من الفلم.


هناك 3 تعليقات:

  1. دافنشي كود من الروايات المفضلة عندي والرواية أروع من الفلم بأشواط. أذكر أني قريتها قبل ثلاث سنين في بداية تعييني كمدرسة وكان يصادف نهاية الفصل الدراسي تقريبا شهر 5 وفي هذه الاوقات تكون الأوضاع هادئة والعمل قليل جدا بسبب غياب الطلبة.
    كنت أشغل وقت فراغي بالقراءة والمضحك بالموضوع هو تخلف المدرسات واستهزائهم فيني بسبب قراءتي!!! مثل ما انت قلت سابقا!! القاريء انسان معقد برأيهم!!

    هذا واهمه مدرسات وقدوه للطلبة!
    وإلى اليوم الوضع نفسه مع مدرسات اخريات.
    إذا كنت بقولك شلون يقتلون طموح الطلبة بالقراءة بالمدرسة ستتفاجأ وسأحتاج إلى صفحات للشرح.أقل شي ان أمينه المكتبةاللي صارلها 30 سنه ما تقاعدت تقوم بطرد الطلبة من المكتبة وتوبيخهم عند لمسهم لكتاب!!! "عشان لا يعفسون مالها خلق ترتب"

    ليس الكتاب العربي مسكين فقط ولكن العقلية العربية بأكملها مسكينه!

    ردحذف
  2. chaotic posha,

    اذاً مربية اجيال مرت على المدونة! رائع :)
    والله اتمنى تطرحين هالموضوع - قتل الطموح بالقراءة - في مدونتج, سيكون بوست مميز كما اعتقد خصوصاً انه من تجربة حقيقية.

    و اتفق على ان العقلية العربية مسكينة او كما يقول برهان غليون : العقل العربي تم اغتياله.

    بالنسبة لدافنشي كود, فعلاً الرواية ممتعة جداً و دان براون قدم الكتاب بطريقة مشوقةو جديدة.. و صارت مثل ما يقولون موضة الكل قام يقلده.

    ردحذف
  3. على فكره
    مدرستنا تقوم باصدار مجلة سنوية تقوم المعلمات والطالبات بالمشاركة فيها
    كانت مشاركتي عبارة عن مقالة عن القراءة في الكويت وخصوصا القراءة والأطفال

    لكن يبدو انها لم تقرأ بعد من قبل اي أحد فهم يتصفحون لمشاهدة الصور فقط :))))

    ردحذف