الأحد، 24 مايو 2009

حينما تكون الرجولة زائفة


أود أن أهنئ بدايةًً الشعب الكويتي على انتصار العدالة في انتخابات البرلمانية التي حصلت مؤخرا بترشح أربع نساء إلى مجلس الأمة, و أخص تهنئتي لصديقي فاست فودر الذي لطالما تشبت بحلمه في ترشح الدكتورة أسيل العوضي و نتمنى أن يكتمل انتصار الحرية و التقدم في الأيام القادمة.

لا يخفى عليكم غضب السلفيين و المتطرفين الذكوريين باسم الدين على هذه العدالة المؤلمة بالنسبة لهم, ليس فقط بالكويت بل وصلت الى هنا في السعودية و بما أني طالب جامعي فقد سمعت بما يكفي من هراء -عذرا- تعليقات بعض الأساتذة و الدكاترة ممن اعتبروا ذلك بالكابوس المنتظر حين تحلق المرأة في السماء و يبقى الرجال في الأرض يتفرجون.

في الحقيقة ما حدث قد يكون قفزة تاريخية و ليست ثورة بعد, الى حين سوف ننتظر و نرى ما سوف يحدث من نتائج, لكن دعنا من ذلك. ربما يسألوننا البعض لماذا نحن متحيزون للمرأة و دائما ما نضيع وقتنا في الكلام عنها و عن حقوقها ؟ نعم أعلم جيدا أنه هناك الكثير من الرجال المتحررين فكريا -ليبرالين- لكنهم مُهاجمون و مُستهدفون من كل الجهات, و هذا يعود الى أن الليبرالية مشوهة بالكامل و يخلطوا مفاهيمها مع الشيوعية و العلمانية بشكل بدائي فكريا و اللوم يقع على وسائل الإعلام و منابر المساجد الغاسلة لأدمغة الجهلة و المواشي التي تعتبر بالنسبة لهم مصدر ثقافي للعالم المحيط و الخارجي.

لست ديوثاً لمجرد أني ادعم المرأة بوقوفها و بمناداتها لحريتها, فذلك لا يعود لي أنا أو غيري بمصلحة شخصية كما من الممكن أن يعتقد البعض. هناك المئات غيرنا من كتاب و مدونين و مثقفين و متحررين فكرياً من جفت أقلامهم من الكتابة عنها, و بالرغم من كل هذا السبب ليس مصلحة أو جذب الإناث من القراء أو غيرها من الأهداف الساذجة. قد يصعب على بعض الذكوريين فهم أن الهدف هو المساواة و الدافع إنساني بحت, أي أنه ليس هناك بشرياً جنس آخر مقابل لنا غيرهم. فإذا لم نتكلم عنهم فسوف نتكلم عن من ؟

إن موضوع المرأة كحجم أهميته تفوق على مواضيع كثيرة يتكلم عنها الإنسان الحر, فهناك الكثير من القضايا التي تعاني من فقر العدالة فيها. لكن نحن واحدة من الكثير من الدول التي تنتهك هوية المرأة و تجعلها فقط أداة للذة الجنسية و الإنجاب و يُغض النظر عن فكرها و عقلها و حريتها.

اسأل نفسك: يا ترى ماذا يدور في عقل الإنسان الذكوري ؟

أن الإنسان الذي يطالب بحقوق المرأة ما هو إلا شخص خالي من الرجولة -مؤهلات آكل لحم خنزير- و تستهويه النساء و جاهل ولا يعلم في الدين ولا في المجتمع أي شيء, و هدفه هو أن تخلع المرأة بحجابها و تنتشر في الشوارع و يعلوا صوتها الذي يعتبر فتنة في الدين و لا يرضاها على أهله, بشكل مختصر شخص عارٍ أخلاقياً.

و هذا ما ذكره لنا أحد الدكاترة النخبة في الجامعة و هو يُدرس مادة جغرافية العالم الإسلامي. فهو لم يتوقف عن الإستهزاء بكل من رآهم يدعمون هذه القضية و يقول: أنه لمن العار أن بعضهم يحمل شهادة علمية و يدرس في الجامعة هنا. و بئس الجامعة يا دكتور

و لن أنسى حين قال: أن معظم هؤلاء هم بينكم أنتم ولا تستغربوا اذا صادفتم أحدهم فهم بشر منغلقين عقلياً لا يفهمون أن الدين كرم المرأة و أن المرأة هنا مكرمة و معززة و ليست بائعة هوى و لهو كما هي في الغرب المدعي بأنه واقف مع حريتها و يحميها فكرياً, فأنا أذكر جيداً عندما كنت أدرس بالخارج و زوجتي كانت في غرفة الولادة و كانت تحدثني طبيبة و تسألني ماذا كانت زوجتي تعيل نفسها , فأجبتها بأني أنا من أعيلها و أشتري البيت و كل الحاجيات و هي فقط تجلس تخدم انوثتها بأشغال البيت و تستر نفسها. فأجابت: أتعلم ؟ لدي إبنة مقبلة على الزواج, كم أتمنى أن يتزوجها شخص مسلم و من السعودية!

فكما ترون يا أعزائي المرأة هنا محظوظة و يقدم لها كل شيء و هي جالسة في مكانها فلا يطلب أحد منها أن تخرج و تشقى في الحياة بحثاً عن ما تريده, لكنهم لا يريدون إلا الفساد و الخراب كما يحدث الآن في الغرب و قريباً نحن في هذا الزمن, إنه زمن الإنحطاط, زمن المفاهيم المقلوبة رأساً على عقب, المرأة تحكم و تتساوى مع الرجل ؟ ارجعوا الى القرآن و السنة يا من تجهلون!

هذا هو مفهوم الدكتور لحقوق المرأة في الإسلام, يشتري كل المؤن التي يحتاجها له و لها, و هي عليها فقط أن تكتفي بالجماع و الإنجاب و ممارسة الطقوس الدينية في البيت, و التالي هو القبر !

أقول يعتقدوا هؤلاء و للأسف أن معظمهم نساء أن المرأة مكرمة و معززة فقط لأنها حظيت برجل يأتي لها بكل ما تريده و هي جالسة متعفنة في مكانها, نعم فعقولهم مقلوبة رأساً على عقب وراثةً ليس صدفة. و أن حقوقها و حريتها بمطالبتها هي أن تخرج عاريةً و تمارس اللاب دانس لكل الرجال الجائعين على أعمدة اضاءات الشوارع مثلاً. تريدون سطحية أكثر من ذلك ؟ بل و أنه هدف لفتح باب للمخالطة و ممارسة الرذيلة جماعياً في أروقة المكاتب و الفصول الدراسية و غيرها من الأماكن.

عندما تكون انسان متحضر و تعيش أو تدرس في بلاد حرة غربيةً كانت أم عريبة و تأتي مثلاً الى أحد المدن هنا و ترى أن الجميع من حولك في الأماكن العامة يمارسوا النشاط التجاري و الحيوي هم ذكور فقط لا غير. تشعر بأن هناك خلل ما لكن لا يبدو أن السعودي -بالغالب- مثلاً يوافقك الرأي, و لن يكتفي بذلك فحسب بل سوف يقر لك بأنه هناك خلل ما في دماغك أنت و أنه ينقصك بعض الرجولة و يكمل ذلك إما بالإستهزاء أو الأذى الجسدي. إنهم مرضى إلى اشعار آخر (إن وجد).


نهايةً, أود أن اقتبس مقالة للكاتبة الحرة و الشجاعة السعودية وجيهة الحويدر و التي من خلالها أتمنى أن تحرك ذرة استشعار واحدة في عقول (أكرر, إن وجدت) جميع المخدوعين برجولتهم الزائفة هنا:


كثير ما وُجه إلي سؤالا من نساء ورجال متى سأكف عن المطالبة بحقوق المرأة السعودية، حيث ان النساء السعوديات "بخير"، خاصة مع ظهور بوادر هنا وهناك، تـُبين انه ثمة اهتمام وان كان بسيطاً جدا بتحريك ملف قضايا المرأة السعودية، واطفاء بعض الرتوش التجميلية على وضعها المثير للشفقة مرات، والتعجب مرات أخرى.

وكي لا أجابه بسؤال مثل ذلك أو يجابهن به غيري من الحقوقيين الذين يحملون نفس الهم، وجدت أن أوضح أمرا من اجل أن يصل لأذهان الجميع, وذلك من خلال عكس صورة الواقع الذي نحن نعيشه، وقلب الأدوار بين المرأة والرجل، ومن بعدها ربما تتضح الغاية من المطالبة من تحسين أوضاع النساء السعوديات في جميع مناحي الحياة.

سأكف عن المطالبة بحقوق المرأة السعودية :

- حين أرى نساء سعوديات غير مؤهلات يتبوأن مناصب عليا من حاكمة أو وزيرة، أو سفيرة، أو رئيسة وزراء وعضوة مجلس الشورى أو حاكمة منطقة، وغيرها من المناصب السياسية العليا لمجرد أن لديهن الصلات والعلاقات الخاصة الفئوية والدم القبلي.

- حين ارى أن المحاكم تديرها نساء سعوديات، ولا يُسمح للرجال السعوديين بمزاولة أية مهنة فيها، ولا يحق للرجال تمثيل انفسهم الا من خلال امرأة تكون ولية ووصية عليهم وعلى جميع شؤونهم. وبشرط ان لا يدخلون الرجال قاعة المحكمة الا بأمر من القاضية، ويأتي الرجل مجهول الشخصية ومغطى تماما بالسواد من الرأس إلى أخمص القدمين، ولا ينطق بكلمة الا بأمر من وليته ووصيته. ولا تُحسب شهادته الا اذا كانت مقرونة بشهادة رجل آخر.

- حين أرى رجال سعوديين متنفذين يظلون أسماء "لامعة" لأن همومهم تحوم حول فتح معارض خيرية او فنية او خاصة بالأزياء، بينما أخواتهن النساء أخبارهن تتصدر الصحف في ارساء مشاريع حيوية ومهمة، وإصدار قرارات مصيرية من اجل تطوير أوضاع البلد وتحسينها.

- حين أرى الرجل السعودي لا يتزوج ولا يطلق ولا يعمل ولا يدرس ولا يسافر ولا يتعالج ولا يتخذ اي قرار له خاص او عام ، ولا يخرج حتى من البيت سوى حين تسمح له المرأة المتكفلة به من المهد الى اللحد.


- حين يشعر الرجل السعودي بالخوف طوال حياته، لان بإمكان زوجته ان تستبدله او تضيف اليه رجل آخر عن طريق متعة او مسيار أو زواج ثاني لتلبية نزوات المرأة، وتسمي المرأة ذلك الظلم انه شرع الله.

- حين أرى امرأة سعودية تنهي حياة رجل سعودي ناجح بحرمانه من عمله بورقة.


- حين أرى رجال سعوديين بالغين راشدين عاقلين يجرجرون إلى مراكز شرطة المرور حين يقودون سيارتهم، ولا يـُفرج عنهم سوى بتعهد من ولية الأمر، بحيث لا يرتكبون تلك الفعلة مرة اخرى.


- حين تكون الوظائف في معظم الدوائر الحكومية والمؤسسات والشركات والبنوك حكرا للنساء السعوديات، ولا يُسمح للرجال السعوديين بدخول المباني فيها لاي سبب من الاسباب.


- حين يُسجن الرجل السعودي الراشد لارتكابه اية جريمة، وتنتهي مدة سجنه لكن لا يُسمح له بالخروج من الحبس سوى بموافقة المرأة التي هي ولية امره. وحين ترفض ولية الأمر استلامه، يبقى الرجل لسنوات طويلة مسجونا بدون ان يهتم احد لاخراجه.


- حين يُحرم الرجل السعودي من معظم الوظائف في القطاع العام والخاص، بحجة الاختلاط، او لانه لا يعيل، او لكونه مخلوق ضعيف ولا يتحمل مصاعب العمل، وتصل نسبة البطالة بينهم اكثر من 80% وتعد اكبر نسبة بطالة بين الرجال في العالم.


- حين ترتدي المرأة السعودية ملابس بيضاء مريحة، بينما يُـجبر الرجل السعودي على لبس وشاح اسود، وقفازات سواد، ورداء اسود يحوله الى كتلة سوداء، ويمشي تحت الشمس الحارقة التي تصهر الحديد، ويُسلط عليه نساء جبارات شرسات يطاردونه ويراقبون تحركاته باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكي يُـدرك الرجل أن له مكانين في هذه الدنيا البيت والقبر.

- حين يُمنع الصغار الذكور من مزوالة الرياضة في المدراس ، ويحرمون من أن يربوا أجساد صحية، ويُمنعون من أن يكونوا نجوم رياضيين عالميين.

- حين تستولي النساء السعوديات على جميع وظائف مراكز التسوق، وحتى وظائف محلات الملابس الداخلية الرجالية تعمل فيها نساء، وتعرض البضاعة على الرجال بكل بجاحة وقلة حياء.

- حين يُمنع رجال الأعمال السعوديين من القيام بأعمالهم سوى من خلال كفيلة سعودية.


- حين يٌحرم الرجل السعودي من التصويت والانتخاب في المجالس البلدية.

- حين تحصل المرأة السعودية على ضعف ما يحصل عليه الرجل من المال من ورث والدها، حتى لو كانت امرأة ثرية، وتمتلك أموال طائلة، واخيها فقيرا مدقع.

- حين يُسمح للمرأة السعودية بتطليق الرجل وطرده من البيت وحرمانه من صغاره، وجلب زوج آخر اصغر سنا منه ليحل بديلا عنه.

- حين يتزوج الرجل السعودي من امرأة غير سعودية، وتُحرم زوجته وأبناءه من اقتناء الجنسية السعودية، ويُعاملون كأجانب، ويُحرمون من جميع الحقوق كمواطنين، بالرغم من أن والدهم سعودي وعاشوا طوال حياتهم في السعودية.


- حين يستلم المعلم السعودي راتبا اقل من المعلمة السعودية ومميزات اقل.


- حين يُمنع الرجل السعودي من دخول مؤسسة علمية مثل جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، ولا يُسمح له بالعمل او الدراسة فيها، ويمنع من دراسة تخصصات الهندسية والمجالات التي تتطلب عمل ميداني.

- حين تُـقام دورات رياضية للنساء السعوديات فقط، وتكب عليهن ملايين الريالات لنشاطهم الرياضي، ويُحرم الرجال السعوديين من جميع الفعاليات لكونهم رجال.


- حين يستولي النساء السعوديات على جميع مناحي الحياة الثقافية والاعلامية، ولا يُسمح سوى بفئة قليلة من الرجال السعوديين يعملون على بنود أجور او بند المتعاونين.

- حين لا يُسمح للرجل السعودي الراشد بالدراسة في الخارج سوى بصحبة ولية أمره.


- حين تتخذ وزيرة قرارا قد يساعد على التقليل من القهر على الرجل السعودي، لكن لا يتم تنفيذه خوفا من ردة فعل المؤسسة الدينية النسائية، وهيئة كبريات العالمات.


- حين تخرج امرأة دين سعودية في جميع وسائل الأعلام الحكومية تجيز ضرب الرجل وصفعه من اجل تهذيبه ومعظم النساء يؤيدنها. -حين يصبح 96% من حالات العنف تسبب فيها نساء ضد رجال.

- حين يكمن الشرف في جسد الرجل، ويتعرض للعنف والقتل إذا مسَت امرأة جسده.

- حين تستولي النساء السعوديات على جميع المنابر الدينية وتستخدمها لقهر الرجل وزيادة التضييق عليه، وتطالب بحرمانه من حقوقه الأساسية وحرياته الشخصية باسم الدين.


- حين تفتي امرأة دين سعودية بجواز زواج الطفل الذكر ذو التسع سنوات لامرأة مسنة طالما يتحمل ذلك الطفل الوطء ، ويوافقنه النساء في تلك الفتوى.


- حين تـُنشر في المجتمع السعودي من خلال أجهزة التعليم ووسائل الأعلام ثقافة النظرة الدونية عن الرجل ، ويتهم الرجل الراشد بأنه ناقص عقل ودين، ولا خير في امة وليت أمرها لرجل.


بالطبع كل ما ذُكر مسبقا هو ظلم افتراضي على الرجل السعودي، لكنه واقعي على المرأة السعودية، وكون الظلم بكل أشكاله مرفوضا جملة وتفصيلا، لذلك الحل لا يكمن في قهر الرجل بل في رفع القهر عن المرأة، وسيكف الجميع عن طرح ذلك السؤال حين نرى الجميع نساء ورجال يمتلكون حق المواطنة كاملا، ويكونون سواسية أمام القانون كأسنان المشط.


وجيهة الحويدر

المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق