الأربعاء، 11 مارس 2009

كـلمات اقرأها.. فأتذكر

"أي فعل يتسبب بألم او معاناة شديدين, سواء جسدياً او فكرياً, و يطبق بقصد على شخص من اجل اهداف معينة مثل الحصول منه على معلومات او اعتراف, او معاقبته على فعل قد ارتكبه او حتى اشتبه بأرتكابه له, او اكراهه بالتهديد او اجباره, او لأي سبب يرتكز الى التمييز من اي نوع, و ذلك عندما يكون الالم و المعاناة يطبقان من جهة حكومية او من مسؤول حكومي او اي شخص يتصرف ضمن سلطة رسمية او بتحريص من قبله او بموافقته"


ذلك كان تعريف الامم المتحدة للتعذيب, كلما قرأته تذكرت العاملة الهندية التي كانت تعمل في احد المنازل المجاورة لنا. اتذكرها.. اتذكر بيبي جيداً دائماً ما كانت تقول لي "ابني في نفس عمرك و انت تذكرني به" لا تستطيعون تصور فرحتي و انا اعلم بأن هناك احد يشبهني خصوصاً انني وقتها كنت طفل وحيد و غير قريب من باقي الاطفال في "الفريج", و لسعادتي وعدتها بأن اعطيها عدد من اشرطة الرسوم المتحركة لتهديها الى ابنها.


بعد وعدي الذي قطعته بأيام وجدت احد رجال الشرطة و هو يمسك بيبي بيده و يضربها بشده بيده الاخرى! شاهدت صاحبة المنزل و هي مؤيدة لما يفعله الشرطي و عرفت بالنهاية انها من اتهمها بالسرقة. سألت نفسي اذا كان الضرب بهذه القسوة يحدث امام العامة فما الذي يحدث بعيد عن اعيننا في مراكز الشرطة؟


مرت الايام, الاسابيع, الشهور, السنوات.. و لم تعد بيبي, ولا اعلم ما حل بها سُجنت ام ابُعدت عن البلاد.

كنت اشعر بالذنب كلما تذكرتها و كأنني من قام اتهامها و ضربها.. شعرت بتأنيب الضمير و انا ارى اشرطة الفيديو تملىء الرفوف و لم يذهب القليل منها الى ابنها الذي يشبهني.



______________________



العالم مكان خطير ليس بسبب وجود الاشرار فيه, لكن بسبب وجود من يرى الخطأ و يسكت – البيرت انشتاين.


"التطبيق المتعمد او المنهجي او الوحشي للمعاناة الجسدية او العقلية من قبل شخص او اكثر يتصرفون لوحدهم او تحت اوامر سلطة ما, وذلك لأجبار شخص أخر على تقديم معلومات او القيام بأعتراف او لأي سبب آخر."


هذا هو تعريف نقابة الاطباء العالمية للتعذيب.. اقرأه فأتذكر الصمت الرهيب من قبل الشعب الكويتي و وزارة الداخلية بعد ما نشرت بعض الصحف في العام 2007 صور رجلان يحملان الجنسية المصرية تعرضا للضرب و الحرق على يد مجموعة من رجال المباحث!! لم ارى اي استغراب من الاصدقاء او الاهل و انا احكي لهم عن ما تعرض له الرجلان من اهانة و تحقير.. كان الوضع على قولتهم "سهالات" و "يستاهلون, تلقاهم مسوين شي عود". بعد التدقيق و متابعة القضية اكتشفت ان التعذيب كان بسبب قضية تزوير لا علاقة للضحيتين بها!!


فكرة ان يتم تعذيبك لمجرد الاشتباه فكرة مخيفة جداً .. ما اخافني اكثر هو ما كتبه الاستاذ احمد البغدادي بعد ايام عن هذه الحادثة:

" من الواضح ان الموضوع لا يمثل اي اهمية لدى وزير الداخلية, مما يحملني على الاستنتاج ان مثل هذه الامور المشينة عادية الحدوث في اروقة المباحث الجنائية, والله يستر مما يحدث في امن الدولة التي لا تضع حتى يافطة على مبناها!"



___________________




"سوف استعمل الحميات لمصلحة المرضى بما يتوافق مع قدرتي, و سوف احميهم من الأذى و الظلم" – قسم ابقراط في العام 500 قبل الميلاد.


"يجب على افراد الطاقم الطبي و المساعد الا يشتركوا, بل يجب ان يعارضوا التعذيب او اي اساءات اخرى ضد حقوق الانسان" – دليل الاخلاقيات للكلية الامريكية للاطباء


اقرأه فأتذكر الشخص الذي يدعى عامر خليف المعتقل في سجون امن الدولة بالكويت, و اتذكر كيف خرج التقرير الطبي الذي يقول انه توفي بسبب هبوط حاد و "مفاجيء" في القلب.. بسهولة و مثل "شربة الماي"! لا يهمني ان كان عامر خليف شخص شرير و ارهابي فهو ان كان مذنباً فيستحق محاكمة عادلة, ما يهمني هو ما حدث كان انتهاك فاضح لأخلاقيات الطب, ان يقوم الطبيب او الطاقم الطبي المشاركة او حتى التغاضي عن اجراءات غير انسانية يعتبر جريمة و خيانة لأشرف مهنة و اعلاها منزلة.


تلك كانت كلمات تذكرني بما يحدث في الكويت, هناك المئات منها يذكرني بما يحدث في الوطن العربي.. يا ساتر!


هناك تعليق واحد:

  1. التعذيب جزء أصيل في ثقافة الشرقيين
    على كل
    مدوتة جميلة ونتمنى الدوام

    ردحذف